تشتهر مدينة كركوك بإمكاناتها السياحية والحضارية والأثرية التي تجعلها مدينة عراقية متميزة تعود معالمها إلى عصور تاريخية غابرة، لكن ما تميزت به كركوك هو القيصريات التاريخية التي باتت مزارا سياحيا وتجاريا وأثريا مهما يجذب إليه يوميا آلاف الزوار والسياح، إضافة إلى العابرين المتوجهين لزيارة مدن شمال العراق بهدف السياحة أو الاصطياف والذين يجدون في كركوك محطة يستريحون بها قليلا من عناء السفر.و”القيصريات” كلمة تعود إلى القيصر وهو ما يطلق على الإمبراطور الروماني، كما أطلقت الكلمة على عمليات الولادة التي تتم عبر فتح بطن الأم لاستخراج الجنين وتسمى عملية قيصرية، وسميت بذلك نسبة إلى الإمبراطور الروماني أغسطس أول شخص ولد بهذه الطريقة، ومسمى القيصريات في كركوك يطلق أيضا على الأسواق الغريبة وبعض التجمعات التاريخية في المدينة.قيصرية كركوك هو سوق قديم يقع الى الجهة الجنوبية من(قلعة كركوك) في مدينة كركوك العراقية ، وقد شيد هذا السوق كمركز تجاري لتسهيل عمليات البيع والشراء لسكان مدينة كركوك في العهد العثماني عام 1855 واعيد تعميره عام 1978 استنادا على السفرنامة العثمانية. يتميز هذا الصرح الاثاري بدقة صناعة بنائه، حيث شيد على أساس الاوقات، إذ يحتوي على 365 دكاناً ترمز الى عدد أيام السنة، و 24 فرعاً ترمز الى عدد ساعات اليوم، و 22 غرفة صغيرة في طابقه العلوي كأشارة الى عدد أشهر السنة، و 7 ابواب اشارة الى عدد أيام الاسبوع. لم يكتف معماريو السوق بذلك بل هداهم خيالهم الخصب الى ان يجعلوا أحد المداخل السبعة تستقبل الشمس حين تشرق ومدخل اخر يودعها حينما تغيب.استقطب السوق أرباب الحرف المختلفة وزبائنهم، فقد شغل دكاكينه: البزازون، العطارون، النساجون، الخفافون، الخياطون، صباغوا الاقمشة والغزول والاصواف، وباعة المفروشات.كما يتميز السوق، كباقي الابنية التاريخية والتراثية في كركوك معمارياً بأقبيته وأقواسه وعقوده وزخارفه، ومن أبرز خصائص قبة هذا السوق تخفيف القوى الضاغطة على الجدران، وبالتالي على أساس البناء، وتعلو سطح القيصرية قبب مسطحة في منتصف كل منها فتحة سقفية لأغراض الاضاءة والتهوية، أما الاقواس التي تزين مداخل السوق ودكاكينه فهي من الجص أو من الرخام المدبب، القيصرية، هذه مثل أية بناية تاريخية وتراثية في كركوك لا تخلو من الزخارف التجميلية والرسوم التراثية والقومية والثقافية تترجم واقع المكون السكاني الأصلي في المدينة.قيصرية قيدارهو سوق قديم أيضا يمثل صرحا وجزءا مهما من تاريخ مدينة كركوك ، ويستأجر المحل التجاري من دائرة الآثار من عشرات السنين وتباع فيه الإكسسوارات ومواد التجميل الخاصة بالنساء.وسوق قيصرية قيدار يحتوي على أقسام عديدة كأدوات التجميل والملابس النسائية وملابس الأطفال والذهب الذي يطلق عليه سوق الصاغة، وأن أغلب المترددين على هذا السوق هم من النساء والعرسان الذين يبحثون عن كل ما هو جديد من بضائع والبسة والمتوفر منها بأسعار مناسبة وجيدة، والبضائع هي مزيج من المستورد والمحلي، لكن معظمها تأتي من دول الجوار مثل، سوريا والأردن وإيران، والتي تصل إلى العراق عبر تجار في بغداد ومدن المحافظات الشمالية وعبر وسطاء.إن سوق القيصرية يمثل روح كركوك النابض ويعتبر شريانا مهما من روافد الحركة الثقافية والأدبية في كركوك حيث هناك سوق الكتب الموجود بالسور الخارجي من قيصرية كركوك ، وتجد في السوق الكتب الأدبية والعلمية والدينية وأخرى متعلقة بحياة المواطن في كركوك، مثل كتب الشعراء كالمتنبي، وكتب العالم الإسلامي الرازي، وكتب الفارابي، وأن أغلب المترددين على هذا السوق هم من طلبة العلم والباحثين عن الكتب والمراجع العلمية. وأن مساحة الدكاكين لا تتجاوز عرض مترين وطول ثلاثة أمتار، وبعضها يصل إلى مترين طولا وعرضا بالإضافة إلى أن جميع قبابها مبنية من الحجر الفرشي والجص، إذ تمتاز مناطق شمال العراق بهذا النوع من البناء.
يذكر أن أبرز قيصريتين في كركوك هما قيصرية كركوك الرئيسية، وقيصرية قيدار، إلى جانب وجود قيصريات صغيرة منتشرة في السوق الكبير، الواقع في منطقة الصوب الكبير من نهر الخاصة، والذي يقسم سوق كركوك الرئيسي إلى قسمين الصوب الكبير والصوب الصغير.