يقصد بالتنظيمات:اتجاه حركة الاصلاح الى اعادة ترتيب وتنظيم القوانين والانظمة الاساسية للدولة على اسس جديدة في جميع الميادين والاتجاهات،والعمل على تحسين نظم الحكم والادارة في عاصمة الدولة وايالاتها في الفترة الممتدة بين صدور مرسوم(كولخانة)واعلان الدستور سنة 1876م.

    ترجع البدايات الاولى لحركة الاصلاح الى اوائل النصف الثاني من القرن الثامن عشر،واتجهت قبل عهد التنظيمات الى التركيز على اصلاح الجيش،فقد عرف عن السلطان مصطفى الثالث 1757-1774م باهتمامه باصلاح الجيش والمالية؛اما اسباب تركيز الدولة على الجيش دون غيره من مرافق الحياة؛ فتعود الى : (1) نظراً لما يحتله الجيش من دولة قامت وتوسعت واسست دعائم كيانها عن طريق الحروب وفي ساحات القتال،(2)كما ان تقدم الجيوش الاوربية على الجيش العثماني تسليحاً وتنظيما كان من اسباب هزائم العثمانيين المتكررة مما نبه سلاطين الدولة الى ضرورة الاهتمام بامر الجيش واصلاح احواله.ثم اعقب الجهود الاصلاحية للسلطان سليم الثالث(1789-1807م)عندما ادخل النظم الاوربية الحديثة في تدريب وتنظيم الجيش،كما كان لتشكيله فرق من الجند اسماها (نظامي جديد) والتي اثارت نقمة الانكشارية الذين تآمروا على خلعه ثم قتله.

    ثم استأنف السلطان محمود الثاني(1808-1839م)الاصلاحات العسكرية،فشكل في 1826م جيشاً حديثاً وفق الاسلوب ونظام التسليح الاوربي اسماه “عساكر منصوري محمدية” ثم اقدم بعد ذلك على الغاء الانكشارية؛تبعتها خطورة جديدة فيما يتعلق بحكم وادارة الايالات إذ اقتضى ذلك ان تكون ادارتها مركزية،ولتنفيذ ذلك قام بالقضاء على الحكم المحلي لعدد من الولايات مبتدأً بالعراق حين انهى حكم مماليك بغداد 1831م،والجليليين في الموصل 1834م،ثم القضاء على بعض الامارات الكردية (البهدينانية 1842م،والبابانية 1850ن)في شمال العراق،ومن الاجراءات الاخرى؛قيامه بتدريب واعداد الموظفين خاصة الاداريين وتعليمهم اللغات الاوربية.

اما انعكاسات هذه الاصلاحات على الايالات العراقية،فقد كانت بطيئة؛اذ لم يصب ايالة بغداد من اصلاحات محمود الثاني الا الشيء اليسير اذ جرى تعيين علي رضا اللاز وزيراً سنة 1842م؛وذلك يعني ان هذه الولاية اعطيت له كمنحة على قيامه بارجاعها لحكم الدولة المباشر دون ان تأخذ الدولة بنظر الاعتبار مدى كفاءة هذا الوزير الذي وصف بانه كان حاكماً فاشلاً.

ثم خطت الجهود الاصلاحية مرحلة جديدة باصدار مرسوم كولخانة 1839م في بداية عهد السلطان عبدالمجيد والذي نصّ:

  1. على تنظيم عملية جباية الضرائب وابطال نظام الالتزام في جبايتها.
  2. العمل بمبدأ المساواة وعدم التفريق بينهم بسبب معتقداتهم الدينية.
  3. تحسين احوال موظفي الدولة بزيادة رواتبهم وصرف رواتب ثابتة للذين لم تخصص لهم رواتب لغرض القضاء على الرشوة.

ثم اعقب ذلك صدور مرسوم 1856م حيث جاءت غالبية مواده تأكيداً على ماورد في مرسوم خط شريف كولخانة بخصوص رغبة الدولة في:

  1. الحفاظ على ارواح واموال مواطنيها.
  2. اصلاح نظام جباية الضرائب وخاصة العشور(ضرائب الاراضي الزراعية).
  3. تحسين الزراعة والتجارة وتنشيطها بشق الجداول وفتح وتحسين الطرق.
  4. العمل على الاستفادة من العلوم والمعارف الاجنبية.

ثم اعقب هذين المرسومين اصدار عدد كبير من القوانين والنظمة التي تتعلق بمختلف فروع الادارة المحلية،منها قانون الاراضي 1858م،ونظام الولايات 1864م،ونظام ادارة الولايات العمومية 1871م.

        وقدر تعلق الامر بنظام الولايات 1864م فقد جرى تقسيم ايالات الدولة التي يتراوح عددها من 32-40 ايالة،والى وحدات ادارية اصغر هي الولاية وعلى رأس كل ولاية منها(والٍ)،وتقسم كل ولاية بدورها الى وحدات ادارية اصغر تعرف بـِ((السناجق))وعلى رأسها (متصرف)ومن ثم تقسم الى الى اقضية وعلى رأس كل منها قائمقام،ويتكون القضاء من مجموعة من النواحي والقرى ،لكل قرية منها مختار او مختارات بحسب نفوس القرية،كما تطرق هذا القرار الى واجبات ووظائف رؤساء الوحدات الادارية من الوالي الى المختار.

كما تقرر وبموجب هذا القانون انشاء مجالس بلدية في المدن والقرى.
المصدر: مدونه عمر جاسم

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا