مرقد السيدة زمرد خاتون وقبة ضريح السهروردي أنموذجا
القبة عنصر معماري محور عن فنون الأزج ، والأزج كما يرد في القاموس المحيط للفيروزبادي ضرب من الأبنية، ومصطلح معماري، للدلالة على كل بناء شُيِّد مقوساً،ورغم أن تاريخ ظهور القبة غير معروف بالضبط، فإن هنالك إشارات ترجح ظهور القبة في القرنين الأول أو الثاني للميلاد، علماً بأن نظام القوس في البناء كان قد بدأ في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد.

ظهرت القبة في العراق وبلاد الشام أولاً، ويرى عدد من الباحثين المتخصصين في فن العمارة أن العراقيين القدامى هم أول من ابتكر المبادئ الأساسية لعمارة القباب، أما سبب ابتكار مثل هذا الفن المعماري، فربما يعود إلى عوامل طبيعية وبيئية، حيث كان اتجاه البناء العراقي القديم لاستغلال مادة الطين المرنة والمتوافرة بكميات كبيرة، وكذلك الآجر، ومن ثَمَّ إن طبيعة البيئة دفعت بالبنّاء إلى استنباط أساليب جديدة يتخلص معها مما يواجه بناءه من مشكلات.. إذ تتميز القباب بأنها تعكس معظم الأشعة الشمسية الساقطة على سطحها الخارجي المحدب وتتخلص من القسم الآخر الذي ينتقل إلى الداخل على شكل طاقة بواسطة المنافذ الواقعة أسفلها مباشرة، وبذلك تتخلص الأبنية من أكبر مشكلة حرارية تواجهها خلال موسم الصيف الطويل. وهذا ما لا تتيحه السقوف المستوية، كما أنها تساعد كثيراً في توزيع الثقل الناجم عن السقف على أجزاء البناء، وكذلك بالنسبة لأسس البناء. وفوق كل ذلك، فهي تحقق أغراضاً جمالية وتزيينية، وتضيف على البناء نوعاً من القدسية والعظمة التي تدعو إلى الخشوع والتأمل. والقباب ليست كلها مخروطية.. فهناك القبة نصف الكروية والمدببة والبصلية والمدببة المنبعجة وغيرها، وهذه القباب ربما تكون أوسع انتشاراً قديماً وحديثاً.
انتشرت القباب المخروطية بأنواعها المختلفة لفترة محددة، تختصر بين القرن الخامس الهجري (الثاني عشر الميلادي) إلى القرن الثامن الهجري (الخامس عشر الميلادي)، وتكاد تكون مقتصرة على المشاهد. ويبدو أن سبب ذلك يعود إلى ما تشيعه تلك المقابر من شعور نفسي وديني، يتعلق عادة بشخصية المتوفى، كأن يكون إماماً أو ولياً أو رجلاً صالحاً.

مرقد السيدة زمرد خاتون
الواقع في الجانب الغربي من بغداد (بغداد/ الكرخ) والى الجنوب الغربي من ضريح الشيخ معروف الكرخي في وسط المقبرة المعروفة باسمه، يعرف الضريح عند العامة باسم الست زبيدة ولازال ،واغلب اراء المؤرخين لاتنسبه الى السيدة زبيدة بنت ابي جعفر المنصور علما بان السيدة زبيدة مدفونة في مقابر قريش الواقعة في الكاظمية فيذكر العزاوي ان الضريح يعود الى زبيدة بنت هارون الجويني المتوفاة سنة 706هـ
اما الاب انستاس ماري الكرملي يقول ان لضريح يعود نسبته الى زبيدة خاتون ابنة السلطان بكياروق زوجة السلطان مسعود بن السلطان ملكشاه التوفاه سنة 532هـ السيدة ،ويرى السيد محمود شكري الالوسي انه ربما كان يمثل تربة لزوجة او بنت احد الامراء او ملك من الملوك أي لاصلة له

بالسيدة زوجة هارون الرشيد
اما عن شخصية السيدة زمرد خاتون فيقول العلامة المرحوم مصطفى جواد، ان دفينة هذا القبر هي سيدة من سيدات دار الخلافة العباسية في بغداد، وهي ام الخليفة الناصر لدين الله (ت،599هـ) وزوجة خليفة هي زوجة الخليفة المستضيء بأمر الله بعد ان كانت احدى اماء دار الخلافة واعتقها الخليفة العباسي المستضيء بامر الله، ولقبت بالجهة المعظمة. وبعد ان تزوجها الخليفة المستضيء ولدت له الناصر لدين الله الذي غدا فيما بعد من اشهر خلفاء بني العباس ، ولهذه السيدة الكثير من الايادي البيض التي ذكرها تاريخ بغداد.

تقوم قبة السيدة زمرد خاتون على قاعدة تتكون من ثمانية اضلاع لان كثرة الاضلاع في الشكل المضلع تساعد كثيرا على قيام بناء مخروطي عليها أي قيام بناء مخروطي عليها أي قيام دوائر في البناية متضائله شيئا فشيئا حتى تنتهي بسماوته أي بنقطة اعلاه.

وعلى أي حال، فإن تسمية الضريح ( بقبة الست زبيدة) تعود الى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي عندما وصف الرحالة الدنيماركي الالماني الأصل كارستين نيبور Carstan Niebuhr المبنى اول مرة بإسم (منارة الست زبيدة) عند زيارته بغداد عام 1766 م (1180 هـ) ومنه من نيبور هذا تداول الناس خطأ اسم الضريح،ويؤكد عالم الآثار ارنست هريسفلدE.Herzfeld بأن تاريخ تشييد الضريح بناءً على عناصره المعمارية يعود الى فترة الناصر لدين الله المتوفي 624 هـ وليس الى المستنصر كما راج مؤخراً، مما يعزز من فرضية كون زمرد خاتون هي التي امرت ببناءه اثناء حياتها، وقد دفنت فيه سنة 599 هـ، كما دفنت فيه، قبلها السيدة نفشة خاتون زوجة المستضيء بأمر الله الثانية المتوفاة سنة 598 هـ، وكان دفنها في الضريح بأمر من زمرد خاتون نفسها زوجة المستضيء الاولى كما دفن، في المبنى ايضا جارية زمرد خاتون أي خطلخ بنت عبد الله المتوفاة سنة 602 هـ وكذلك تم دفن ابو الحسن علي ابن الخليفة الناصر لدين الله ولي عهد الخلافة المتوفي سنة 612 هـ الذي دفن بجوار جدته زمرد، واخيراً فان الضريح يحوي رفات زوجــة حــسن باشا الوالي التركي المتوفاة سنة 1131 هـ.

وكانت التباسات تسمية الضريح، وغموضها قد بدأت منذ وقت قديم، عندما زار الرحالة ابن جبير، بغداد في سنة 580هـ (1184م)، ذاكرا من بين المواقع التي شاهدها مشهدا شاهق البنيان، داخله قبر كتب عليه: هذا قبر عون ومعين أولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)”، وذكر المـستشرق (غي لي سترينج Guy Le Strange )، الـذي نشـر كتابا عـن “بغــداد في عصر الخلافة”، والصادر في لندن عام 1900، بأن الأرجح أن القبر المسمى اليوم، بقبة الست زبيدة، والواقع بالقرب من مقبرة الشيخ معروف – هو البناء الذي وصفه ابن جبير، ونسبه إلى عون ومعين، ويشير د. مصطفى جواد، الباحث العراقي بأن ذلك خطأ مبين منه.

وتطرق إلى المبنى الرحالة “ابن بطوطة “عندما كتب في رحلة عن مشاهداته ببغداد أثناء زيارته لها عام 727 هـ (1327م) “…. وبطريق باب البصرة مشهد حافل البناء في داخله قبر متسع السنام، عليه مكتوب: هذا قبر عون من أولاد علي بن أبي طالب”. وفي هذا الصدد بذكر د. مصطفى جواد بأن ابن بطوطة ربما “نسخ ما ذكره ابن جبير في رحلته كما فعل في كثير من الأخبار،بدلالة تشابه النصين والوصفين
ويتميز هذا المرقد بشكل فني يكاد يكون غريبا قياسا للعمارة التي عرفتها بغداد قبل العديد من القرون، ويتألف من غرفة الضريح المثمنة الاضلاع التي تقوم عليها قبة شاهقة مخروطية الشكل، حيث ابدع وتفنن المعماري البغدادي في تصميمها وفي بنائها حتى لم نعثر على شبيه لها الا في قبة الشيخ عمر السهروردي كما سيرد بعد قليل.

وقد استخدم البناؤون البغداديون في بناء قبة السيدة زمرد خاتون الاجر بشكل مقرنص يتدرج من الاسفل الى الاعلى ، حيث ينتهي عند قمة القبة التي غدت منذ زمن انشائها حتى الوقت الحاضر مثار اعجاب المعماريين من عراقيين واجانب لغرابة شكلها ودقة تشكيلها وبراعة بنائها، وقد مرت عمارة ضريح زمرد خاتون بعدة ادوار تعميرية، كان اخرها على والي بغداد العثماني ناظم باشا عام 1328 للهجرة المقابل للعام 1910 للميلاد، ثم قامت دائرة الاثار والتراث باعادة تعميرها عام 1392 هجرية 1972 ميلادية.

نكون مقرنصات القبة الدائرية عشرة صفوف متتالية يحوي كل صف من الصفوف السبعة الاولى سته عشر مقرنصات .
يتألف بناء مقام زمرد خاتون من قاعة مركزية مثمنة الاضلاع ذات قطر يتراوح بـ 7.5 متراً ويبلغ طول ضلع المثمن من الخارج بـ 5.5 متراً، ومن الداخل بـ 3 متراً أي ان سمك جدار القاعة يبلغ حوالي 2.5 متراً ويدخل الى القاعة من مدخل وحيد عرضه 1.8 متراً يقع في منتصف الضلع الشمالية الشرقية، وثمة درج يقود الى سطح البناء على يسار الداخل الى الضريح، وقد فتح في صلب سمك الجدار وبعرض (60 سم) كما يوجد بناء لفضاء مربع ملتصق من الجهة الشمالية الشرقية ويتقدم المدخل الرئيسي للضريح، وهذا البناء لا يمت بأي صلة الى عمارة القاعة المثمنة لا من ناحية المبادئ التصميمية او لجهة نوعية القرارات التزينية؛ويعتقد على نطاق واسع بانه أضيف لاحقاً، اثناء الترميمات العديدة التي أجراها ولاة بغداد العثمانيون في وقت متأخر.
يبلغ ارتفاع قاعة الضريح المثمنة 4.8 متراً وهذه القاعة تسند قبة مخروطية ذات مقرنصات يبلغ ارتفاعها حوالي 9.5 متراً، وبالتالي فإن الارتفاع الاجمالي لمبنى مقام زمرد خاتون يبلغ 14.3 متراً. استخدم الآجر كمادة انشائية اساسية في القوام الانشائي، سواء للقاعة المثمنة السفلية، ام للقبة المخروطية في الاعلى. واذ كسيت جدران القاعة بالجص من الداخل فقد تركت الجدران الخارجية خالية من الطلاء ذات زخارف، غلبت على “موتيفاتها ” الاشكال الهندسية؛ وثمة طاقتان غير نافذتين في سطح كل وجهة من اوجه القاعة المثمنة. ويتم الانتقال من الفضاء المثمن للقاعة الى الفضاء الدائري للقبة عبر مقرفصات معقودة ومركبة على زوايا المثمن عددها ثلاثة صفوف تنتهي باعلاها بقاعدة نجمية ذات ستة عشر رأساً ومقرنصات منطقة الانتقال تختلف عن نطاق مقرنصات القبة، من حيث الارتفاع والنوعية، واذا كانت الاولى تستند على قواعد مثمنة فان الثانية تنهض على قواعد ذات ستة عشر رأساً تتألف القبة المخروطية من عشرة صفوف، السبعة الأولى السفلية تحتوي على ستة عشر مقرنصاً، بينما تحوي الصفوف الثلاثة العليا على ثمانية مقرنصات لكل منها، وينتهي الصف العاشر بقبة صغيرة نجمية ذات ثمانية رؤوس ويتم الانتقال من الصف السابع الى الثامن بعقود صغيرة، تجمع رؤوس كل مقرنصين متجاورين.

baghdad4_2

تعيد تشكيلات تربة زمرد خاتون الخصائص المعمارية التي لازمت اساليب تسقيفات القباب المخروطية التي انتشرت ممارساتها البنائية في اواخر العهد العباسي اثناء ما يعرف بالعهد السلجوقي الذي استمر حكمهم في بغداد قرنا من الزمان 447 – 547 هـ (1055 – 1152 م) والتسقيف المخروطي، هو احد اوجه انواع تسقيفات الفضاءات المغطاة ويتميز عن باقي الاساليب التسقيفية كون ان المادة الانشائية المستخدمة في اقامة الجدران المستقيمة الحاملة يمكن استخدامها ايضاً، في عملية قيام التسقيف عن طريق استخدام الاقبية والقباب، لكنه يختلف عن هذين النوعين من التسقيف كونه يؤمن الحصول على ارتفاعات شاهقة الامر الذي أهل هذا الاسلوب التسقيفي ليكون ملائماً جداً لتأكيد الجانب الرمزي في المنشاءات التي تتوخى السمو والعلياء، امثال الابنية المشهدية او النصبية. وليس من باب المصادفة ان تكون معظم استخدامات القباب المخروطية او المقرنصة موقوفة حصراً على مباني الأضرحة والشواهد والترب.

لا يعرف بالتحديد موطن استخدام القباب المخروطية. لكننا نمتلك مثالاً قديماً من خراسان لضريح “جند قابوس” في جرجان يرجع تاريخه الى سنة 397 هـ (1007م)، استخدمت فيه القبة المخروطية كأسلوب انشائي لعملية التسقيف ومن جرجان انتشر هذا الاسلوب البنائي سريعا في انحاء مختلفة من العالم الاسلامي. ولئن اعتمدت عمارة تربة زمرد خاتون على “اساسيات” شكل القبة المخروطية، فانها ايضا اضافت إضافات رائدة، اسست فيما بعد انموذجا جديدا لشكل القبة المخروطية المقرنصة.

يعتمد الحل التكويني في زمرد خاتون الى تجزأة المبنى الى قسمين اساسيين:اسفل واعلى؛ فالقسم الاسفل معنى في تأكيد الثبوتية. وتبيان فعل الفضاء المحصور؛ من هنا فإن المعالجات التصميمية والتزيينية للسطوح الواجهية جاءت واضحة ومختزلة حد الصرامة واعتمدت الأشغال التزيينية على ” موتيف ” الزخارف الهندسية ذات الخطوط القاسية الحادة في حين اتسم القسم الاعلى من التكوين بحضور مكثف للخطوط الملتوية الوثابة، وبغزارةالتوظيف لفعل الظل والضوء على السطوح المنحنية للقبة المخروطية التى انحسرت كتلتها وتلاشت كلما ارتفعنا ببصرنا نحو الاعلى، وقد تم بلوغ ذلك الهدف بنجاح، بفعل التقليص الفيزياوي الحقيقي لخاصية الكتلة المنشورية، وكذلك عن طريق ايحاءات المنظور. ينتقل الأثرالناجم عن استخدام وحدات التشكيلات المقرنصة في السطوح الخارجية للقسم الاعلى، الى داخل المبني، خالقاً الموتيف الرئيسي لتزينات الفضاء الداخلي،مانحا اياه احساساعاليا بالاتساع والرحابة، وتكتسب الاجزاء المادية في “انترير” القبة المخروطية، جراء الحضور الكثيف للسطوح المقرنصة والتوظيف المركز لخاصية الظل والضوء، حالة نادرة من الرقة والشفافية. في حين تعد مقاربة الحصول على معالجات تصميمية متماثلة ومتشابهه سواء في الخارج ام في الداخل، كما هو الحاصل في تربة زمرد خاتون، تعد تلك المقاربة أمراً مثيرا ولافتا للاهتمام وفي جميع الاحوال تعد تلك المقاربة امرا نادرا في الممارسات المعمارية؛ وعدها مرة، فرنك لويد رايت: المعمار الامريكي الشهير “منتهى الخاصية العضوية في العمارة”.

وتظل بالطبع مهمة تفعيل وتوجيه القوام الإنشائي نحو جهة احراز قيم جمالية مضافة، او مايعرف بمفهوم ” التكتونيك” Tectonic، تظل هذه المهمة إحدى السمات الأساسية للقرارات التكوينية في تربة زمرد خاتون، وقد استثمر معمار المبنى خصائص المادة الانشائية بحوزته (وهي هنا الآجر) وجعلها تعمل بكفاءة عالية ضمن المسار المحدد بالقرار التصميمي.

جامع الحظائر
وهو من الجوامع القائمة ببغداد والتي شيدت في العصر العباسي وقد انشأت هذا الجامع السيدة زمرد خاتون المتوفاة سنة 599هـ / 1202م والسيدة زمرد هي ام الخليفة الناصر لدين الله العباسي 575- 622هـ/1180-1225م انشات مدرسة للشافعية بجوار تربة الشيخ معروف الكرخي ورباطا ومدفنا لها وجرى احتفال فتح المدرسة سنة 589هـ /1193م وحضر ارباب الدولة وعمل سماط عظيم وسلمت الى النوقاني مدرس بها. والنوقاني هو الفقيه محمد بن ابي نصر النوقاني الفقيه الشافعي والذي كان معاصرا للسيدة زمرد خاتون ومن كبار الشافعية في بغداد توفي سنة 592هـ /1195م (8). وجامع الحظائر يعرف اليوم ببغداد بجامع الخفاقين جنوبي المدرسة المستنصرية ولم يبق من بنائه الاول الا المئذنة وهي اقدم المآذن في بغداد لانها بنيت قبل انتهاء القرن السادس الهجري للهجرة وعلى طرازها بنيت كل مآذن بغداد وقد رممت هذه المئذنة وخصوصاً في اعالي حوضها وآخر ترميم اجري فيها كان سنة 1950م وهذه المئذنة فيها من الفن البنائي ما يجعلها نموذجا للفن العربي الراقي ففي رأسها اشكال هندسية من النقوش وقد زخرف الرأس بالكاشي وغيره وفي حوضها قسم من العقود التي تشبه الاواوين الصغيرة وقد ذكر العلامة الالوسي قوله : وفيه خزانة كتب تشتمل على مخطوطات قديمة العهد وكثير منها تلف بتداول الايدي عليها عليها .

وللسيدة زمرد قبر تعلوه قبة على الطراز السلجوقي شبيهة بقبة جامع عمر السهروردي وفي هذا القبر توهم السائح الالماني نيبور ونسبه الى السيدة زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد علما ان السيدة زبيدة دفنت في مقابر قريش ( الكاظمية) سنة 216هـ /831م . بينما توفيت السيدة زمرد خاتون في سنة 599هـ /1201م . ودفنت في مقبرتها قريبا من الشيخ معروف الكرخي المتصوف البغدادي المشهور.
لقد أدت عمارة تربة زمرد خاتون، على امتداد تأريخها العريق، دور الشاهِد (بكسر الهاء) عن معالجات معمارية: نوعية ومتميزة اتسم بها المبنى؛ والشاهِد هنا بمعنى الدليل او البينة، ولكن كلمة “شاهِد” ذاتها ربما جاءت بمعنى بلاطة الضريح وهو ما يدل ايضا عن وظيفة المبنى. بيد ان عمارة هذا المبنى يمكن ان تكون مرادفة لكلمة ُمشـاهَـد (بضم الميم وفتح الهاء) أي يمكن ان ترى من مسافات بعيدة نظراً لارتفاعها العالي نسبياً وفرادة لغتها التكوينية والكلمة هنا بمعنى المرئي اوالمنظور او الواضح.
فقد انشأت مدرسة للفقه الشافعي بجوار تربة الشيخ معروف الكرخي ورباطا “وهو بناء اسلامي ديني وعسكري في آن واحد” ثم ابتنت مدفنا لها هو المدفن الذي ترقد فيه الان، ومن انشاءاتها ايضا بناؤها مسجدا في الموضع المعروف انذاك بالحضائر والواقع بمحاذاة نهر دجلة وهو المسجد الذي يعرف الان بجامع الخفافين ،
والشاهد الثاني فهومرقد الشيخ عمر السهروردي الواقع في الجانب الشرقي من بغداد “أي الرصافة” بالقرب من الباب الوسطاني احد الابواب الاربعة لسور بغداد الذي كان يعرف بباب الظفرية ، وهو الباب الوحيد الذي ما زالت اطلاله قائمة حتى الان.

baghdad4_3

قبة ضريح السهروردي
تقع في الجانب الشرقي من مدينة بغداد (( الرصافة )) بالقرب من الباب الوسطاني احد أبواب مدينة بغداد الذي لايزال قائما (13) وفي المحلة التي تنسب إليه وهو الشيخ أبو حفص عمر السهروردي المدفون في المقبرة الوردية

وفي الأصل يتكون البناء من غرفه الضريح والحق بها مؤخر مسجد يعود تاريخ بناءه الى سنة 1917 هـ ،لها مدخلان الأول وهو الباب الرئيس من داخل المسجد تعلوه كتابه تحمل تاريخ إصلاح القبة ( بسم الله الرحمن الرحيم الا ان اولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون ،جدد هذه العمارة المباركة الشريفة لضريح الشيخ القدوة الرباني خطيب الاولياء والعارفين شهاب الدين عمر ابن محمد السهروردي روض الله مرقده محمد ابن رشيد اصلح الله شأنه وذلك في شهور سنة خمس وثلاثين وسبعمائه والحمد لله وحده وصلواته على نبيه محمد واله ).

والثاني يدخل من مجاز أضيق الى البناء سنة تقوم القبة على غرفة مربعة الشكل ابعادها 70/4م 90/4م خالية جدرانها من الزخرفه على علو5/6م حيث تزين الجدران دخلات عددها اثنتا عشرة دخله تلف مع جدران الغرف تحيط بها اعمدة خمسة من هذه الدخلات تتوج قسما منها عقود صفان من المقرنصات يقوم فوقها غطاء القبة تزينه كتابة حديثة العهد.

فتتكون قبة السهروردي مكونة من قبتين الاولى وجه المخروطية وهي الاصلية والثانية اضيفت فيما بعد وهي في باطن القبة الاولى وبينهما فراغ.
الشيخ عمر السهروردي هو شيخ الشيوخ شهاب الدين ابو حفص عمر بن محمد البكري من كبار الزهاد والمتصوفة ببغداد وهو مؤلف كتاب عوارف المعارف والمتوفي سنة 632هـ/1234م وعلى قبره قبة على الطراز السلجوقي وقائمة على اربع اضلاع وهي من بناء القرن السابع الهجري ويبدو ان الذي شيد جامع الشيخ عمر السهروردي الوزير المشهور غياث الدين محمد ابن رشيد الدين بحدود سنة 735هـ/ 1234. في منطقة تعرف بالظفيرية شرقي مدينة بغداد وهو قريب من احد ابواب بغداد العباسية والذي لايزال قائما منذ عهد الخليفة المسترشد العباسي 512-528هـ (1118-1135م) وبمرور الزمن تكونت حول قبر الشيخ عمر السهروردي مقبرة كبيرة تكاد تكون من المقابر الكبيرة في بغداد وزار هذه المقبرة العديد من الرحالة منهم الرحالة مدام ديولافوا سنة 1299هـ/1881م وقالت عن المقبرة انها مقبرة كبيرة كما ذكرت قبة الشيخ عمر السهروردي المخروطية الشكل وذكرت انها مزينة ببعض المقرنصات الجميلة من الخارج التي تترك اثارا جميلة اخرى في الداخل. ولايزال جامع الشيخ عمر السهروردي قائما وتقام فيه الصلوات الخمس والجمع والعيدين …..

اما تأريخ بناء القبة استنادا الى الرواية التأريخية حيث ذكر د مصطفى جواد ان احمد بن عبدالله البغدادي ذكر في كتاب اصول الادب والتأريخ م16 ص22 عن حوادث 632 وفيها توفي الشيخ شهاب الدين ابو الحفص عمر السهروردي ،ودفن قريبا من الباب الوسطاني داخل بغداد وعقد على قبره اضافة الى هذا وعلى ضوء الصيانة التي اجرتها دائرة الاثار مؤخرا حيث ظهرت لنا زخارف نباتية ملونه وصفوف المقرنصات فاستنادا الى اسلوب رسم الزخارف البنائية وطريقة تصفيف المقرنصات يمكن نسبة بناء القبة الى سنة 633هـ وهي سنة وفاة الشيخ السهروردي.

baghdad4_1

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا